الخميس، 14 يناير 2016

المدرسة..اخترعوها امتى و ليه؟؟





المدرسة بشكلها الحالى قائمة على فكرة ان كل الاطفال لازم يتعلموا نفس الشئ بنفس الأسلوب و بنفس المعدل بغض النظر عن اى فروق فردية فى الشخصية او الميول او الذكاء. الطفل فى المدرسة بيتحول لشئ أشبه ب "منتج" فى مصنع و طبعا زى اى خط انتاج لازم كل المنتجات تكون "متشابهة" و مقولبة على قالب واحد.



الطفل فى المدرسة معزول عن العالم الحقيقى الى هيعيشه و يشوفه بعد ما يسيب المدرسة, معزول فى غرفة مع أطفال من نفس عمره و طبعا خبرتهم و معرفتهم بالحياة الحقيقية لا تزيد عن معرفته, و كلهم مكرهين على "الجلوس" لمدة 7 او 8 ساعات يوميا. أيوة مكرهين لان الأطفال بطبيعتها كائنات متحركة بيتعلموا و هم بيتحركوا , بيتعلموا بايديهم و بحواسهم كلها. لكن فى المصنع الاطفال المسجونين المكرهين على الجلوس مش مسموح لهم يتعلموا باى طريقة غير التلقى, التلقى و بس.
.


و زى ما الطفل مبيتخذش اى قرار فى عملية تعليمه لا فى المحتوى و لا فى الاسلوب, كمان مبيحددش هيتعلم لمدة اد ايه؟ يعنى مينفعش يسرح مع الحساب  و يندمج و يعد بالساعات يحل و يتعلم لان بعد نصف ساعة "الجرس هيضرب" و دة معناه ان لمبة الحساب فى مخه لازم تطفى و لمبة الجغرافيا لازم تنور! زى الجرس لما بيضرب فى المصنع فيوقفوا خط الانتاج الاول و يشغلوا التانى ..هو دة "الانسان" من وجهة نظر الاختراع الى اسمه " المدرسة" ..آلة فى بعض الاحيان بتفصل و تشتغل برنة جرس و منتج فى احيان اخرى لازم يخرج للدنيا بمواصفات معينة و مناهج معينة يحددها أصحاب القرار الى هم أى حد غير الطفل و غير الشخص المتعلم.

جون تايلور جاتو بيتكلم فى كتابه " المنهج الخفى للمدرسة" عن فكرة جرس المدرسة...بيقول:
Indeed, the lesson of bells is that no work is worth finishing, so why care too deeply about anything? Years of bells will condition all but the strongest to a world that can no longer offer important work to do.

بمعنى ان سنوات من التعرض ل "جرس المدرسة" بيعلم الطلاب انه لا يوجد عمل هام كفاية لانهائه. 


 المدرسة بشكلها الحالى (تقييم الطلاب عن طريق امتحانات قياسية/فصل الطلاب بأعمارهم / فصول اجبارية/مناهج منفصلة عن الواقع/التحفيز ن طريق الثواب و العقاب /جداول زمنية غير مرنة/الانغلاق والانعزال عن بقية المجتمع ) ابتدت فى القرن الثامن عشر فى ألمانيا عشان كانوا عايزين يخرجوا مواطنين "بيسمعوا الكلام" يسهل تدريبهم عشان يكونوا جنود مطيعين فى الحرب الى كانت بتخوضها ألمانيا و منها انتقلت لبقية اوروبا و أمريكا و العالم كله.

يعنى ايه الكلام دة؟ يعنى اول مدرسة نشأت فى مجتمع سلطوى (قائم على السلطة المطلقة لشخص او كيان يحكم الاخرين) و بالتالى أنشئت المدرسة بنفس النموذج السلطوى و لأهداف سلطوية و هى الوصاية على عقول البشر و توجهاتهم.

 بردو يعنى ايه؟ يعنى الهدف من المدارس دى مش انشاء جيل بيفكر او بيبدع ولكن انشاء جيل مطيع بيسمع الكلام, و ميسمعش الكلام ازاى اذا كان هو اتعود ان لازم حد يقوله يتعلم ايه و ازاى و امتى و لمدة اد ايه و لو خالف يعاقب ولو اتمرد يبقى "طفل شقى" أو "مراهق مش فالح" و غيرها من الصفات الى بنوصم بيها اى حد لسة محتفظ بشئ من فطرته و انسانيته داخل المصنع اللاانسانى الى اسمه المدرسة.

المهم ان الحكام السلطويين فى اوروبا كانوا خايفين تقوم ثورة فى بلادهم على غرار الثورة الفرنسية فابتدوا يسمحوا ببعض الحريات و بالتعليم و بكدة دخلت أوروبا فى عصر اسمه Enlightened absolutism (الاستبداد المستنير).  عصر التعليم أصبح متاح فيه  لكل الناس لكن فى اطار يحافظ على ولائهم لنظام الحكم, ثم بعد ذلك قام رجال الصناعة فى القرن التاسع عشر بتمويل المدارس لاحتياجهم للعمالة.

 استخدمت المدارس دى نظريات ال behavioural control "التحكم فى السلوك" و قامت على افتراضات ال social utopia أو المجتمع المثالى و كيف يجب ان يكون.

و لان المدارس بالشكل دة, المخرج بتاعها كان انسان "غير مؤهل للحياة" و النجاح فيها. انسان بيبتدى تعليمه الحقيقى بعد ما بيخرج من السجن الى اسمه التعليم النظامى..و احيانا بيكون فقد شغفه بالتعلم و تمت قولبته بنجاح على قالب الانسان المقلد عديم الفكر و الابداع.. واحيان اخرى بتكون لسة باقية فيه شرارة حب العلم الى بيبتدى بيها رحلة تعليمه و نجاحه الحقيقية بعد ما يكون قضى حاجة و عشرين سنة من عمره فى سجن التعليم النظامى و دول الى انا باسميهم ال survivals  (الناجون)

الحقيقة المدرسة بتدرس مفاهيم على "خريطة الواقع" مش فى الواقع نفسه, الواقع اتغير و اتبدل و جرى سنين قدام و الخريطة زى ما هى, قديمة وغير صالحة للاستخدام لانها مبقتش بتوصف الواقع, انفصلت عنه من سنين و المسافة كبرت بينهم. عشان كدة التعليم الحقيقى هو الى بيحصل على أرض الواقع متصل بيه مش منفصل عنه...مثال طريف على النقطة دى, فى وسط كل الظروف الصعبة الى بتعيشها مصرو العالم كله و بدل ما يقال للطالب المصرى: وجه رسالة لام شهيد ثورة 25 يناير أو للاجىء سورى أو لمجاهد فى بورما, بيتقاله وجه رسالة لام أحمس!!! أنا مش ضد دراسة التاريخ, لكن التاريخ الى ميخدمش الحاضر يبقى مضيعة وقت واستخفاف بالعقول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق